الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية خاص: الـمحـامي والقيـادي بحـركة مشـروع تونس سمير عبد الله يزيح اللبس عن مشروع قانون المصالحة ويكـشـف أدق تفاصيلـه وشـــروطــه

نشر في  17 ماي 2017  (12:26)

يتواصل إلى يومنا هذا الجدل حول مشروع قانون المصالحة الوطنية الذي اختلفت وتضاربت المواقف حوله من رافض له معتبرا إياه قانونا مبيضا للفساد ورؤوسه إلى مؤيدين له مؤكدين أن من شأنه الدفع باقتصادنا الوطني الذي بات على مرمى الهاوية وأنه قانون جاء من اجل المحاسبة العادلة النابذة للانتقام والتشفي..
وبين رأي ونقيضه تزايد انقسام الشارع التونسي حول هذا «المولود» الجديد، وللغرض ارتأت أخبار الجمهورية الاتصال بالقيادي في حركة مشروع تونس والديبلوماسي السابق والمحامي سمير عبد الله لاستبيان تفسيره لأهداف مشروع هذا القانون والحديث معه عن الاطراف التي سيشملها والشروط الموضوعة لذلك وبحكم اطلاعه على جميع تفاصيل وحيثيات هذا القانون كان ما يلي..

في البداية اعتبر المحامي والقيادي بحركة مشروع تونس سمير عبد الله أنّه لا وجود لأي تونسي يعارض مفهوم المصالحة كهدف خاصة في ظل ما أثبتته تجارب البلدان التي انتهجت منحى المصالحة بعد أن شهدت انتقالا ديمقراطيا إمّا بعد سقوط أنظمة او حدوث ثورات او حدوث منعطفات تاريخية هامة..
وقال إنّ تونس قد تأخرت في القيام بهذه الخطوة الهامة ضاربا في هذا الإطار مثل المدة الزمنية التي استغرقتها المصالحة في بلدان افريقيا الجنوبية و امريكا اللاتينية واسبانيا حيث لم تتجاوز فيها السنتين كأقصى تقدير على حد تعبيره..
تأخر تونس في القيام بالمصالحة الوطنية كان له تكلفة باهظة على المنحى الاقتصادي حيث تبيّن بالكاشف مقدار العجز الذي بات يعاني منه نمونا الاقتصادي وانعكاساته على خلق مواطن شغل ممّا ساهم في تأجيج الأوضاع الاجتماعية في عدد من الجهات المطالبة أساسا بتوفير التنمية الجهوية وتوفير مواطن شغل لشبابها العاطل عن العمل في ظل أزمات اقتصادية خانقة..

الإدارة التونسية باتت تعيش مناخا من الرعب

وتابع الاستاذ عبد الله في معرض حديثه قائلا أنّ البلاد باتت تفتقر الى الموارد المالية التي تخوّل لها مجابهة كل المشاكل المتفاقمة من بينها مشاكل الجهات ذلك لأنّ أموالها موجودة لدى بعض رجال الأعمال والاقتصاد الموازي الذي يتحكم فيه المهربون المسيطرين على أكثر من 55 بالمائة من الاقتصاد، زد على ذلك المشاكل التي يعاني منها المحرك الاساسي للاقتصاد المتمثل في الادارة التونسية التي اصبحنا نراها تعيش اليوم في ظل مناخ يُفتقر فيه للثقة ويعمه الخوف المتأتي من مغبة الوقوع في أحكام الفصل الـ96 الذي وصّفه محدّثنا بالشهير جدا..
هذا الفصل الذي أكّد المحامي سمير عبد الله أنّ بموجبه وقعت إحالة رموز النظام السابق على القضاء وأصبح بمثابة سيف مسلط على كل موظف عمومي يمضي على وثائق يتم اعتبارها مضرة بالإدارة حتّى لو انه لم يحقق أي منفعة شخصية، مشيرا الى عديد الاطارات الادارية الذين هم اليوم تحت أنظار القضاء بموجب هذا الفصل حيث ناهز عددهم ال1500 إطار وفق ما اكده رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ..
واعتبر محدّثنا انّ هذه الحالات قد خلقت نوعا من مناخ عدم ثقة وخوفا في الادارة والبنوك العمومية، ليأتي بالتالي مشروع قانون المصالحة الوطنية سنة 2015 المتضمّن لمحورين وركيزتين أساسيتين الأولى إدارية تتعلّق برفع المظلمة المسلطة على هؤلاء الموظفين العموميين الذين امضو خلال نظام الاوامر والتعليمات على عقود لم تحقق لهم أي منفعة خاصة أما المحور الثاني فيهُم الاستيلاءات على الأموال العمومية

أهداف قانون المصالحة الوطنية..

وأكّد رجل القانون سمير عبد الله أنه بناء على المعطيات التي أدلى بها تتبلور أهداف مشروع قانون المصالحة الوطنية المتمثلة أساسا في هدفين أساسيين أوّلا على مستوى مسار إداري يتعلق برفع مظلمة عن الاداريين الذين لم يحققوا أي منافع خاصة وثانيا على مستوى المسار المالي المتمثل في استرجاع الأموال العمومية المنهوبة مع دفع خطية قدرها 5 بالمائة منها سنويا، مشدّدا في هذا الإطار على أن شهادة العفو عن أصحاب الاستيلاءات على الأموال العمومية لا تسلّم لهم إلا بعد الاستظهار بوصل من الخزينة العامة يثبت إيداع الأموال المنهوبة بها..
وعرّج محدّثنا الى الحديث عن نقطة هامة يتطرّق لها مشروع المصالحة الاقتصادية وتقول إن الأموال المنهوبة التي يقع استرجاعها يتم استثمارها في إطار المصلحة الوطنية العامة من تحقيق التنمية في الجهات وتوفير مواطن شغل وبعث مؤسسات صغيرة لحاملي الشهادات العليا مؤكدا انّ هذا كله يقع تحت رقابة دائرة المحاسبات..
وشدّد على أنّ قانون المصالحة الوطنية جاء لاختصار الإجراءات القضائية حيث يتم حصر الأموال، وبعد أبحاث وتقصّ قضائي يصدر قرار في إلزام صاحب الاستيلاء على الأموال العمومية بتأمين تلك الأموال في الخزينة العامة وإثبات ذلك في وصل مستلم منها مقابل الحصول على شهادة عفو..

قائمة الأطراف الذين لا يشملهم قانون المصالحة الوطنية..

على صعيد آخر اعتبر الأستاذ سمير عبد الله أن من بين أسباب خروج عدد من المواطنين للشارع تنديدا بقانون المصالحة يرجع إلى الخطأ الاتصالي الفادح من قبل الفريق الاتصالي الرئاسي والحكومي حيث أنهّما لم ينجحا في تبسيط هذا القانون وتفسيره للمواطنين لرفع اللبس عنه خاصة في ظل تصور البعض انه قانون مبيض للفساد ومافيا الفساد والجرائم المقترفة في حق الشعب والوطن، مشددا بالتالي على انّ قانون المصالحة لا يشمل الجرائم السياسية التي من بينها اغتيالات الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي..
وأكّد أنّ ملفات تحويل الهبات وإفراغ الخزينة ومليارات التعويضات التي تحصل عليها مساجين العفو العام لا يشملها قانون المصالحة لا تدخل تحت غطائه بتاتا، قائلا إن القضاء وحده هو الفيصل في من أجرم في حق البلاد والشعب..
هذا وشدّد محدّثنا على أنّ القائمة المسرّبة التي تخص رجال الأعمال في زمن بن علي المُدانين لدى البنوك العمومية لا يشملهم هذا القانون وقوة القانون هي الفيصل في قضاياهم..

لمحة عن أبرز ما جاء في مشروع قانون المصالحة في صيغته المنقحة

على صعيد متصل نذكر بأن موقع حقائق أون لاين أكّد من خلال وثائق تحصل عليها بخصوص مشروع قانون المصالحة في صيغته المنقحة، أنه قدّ أُدخلت تنقيحات عديدة على مشروع القانون الأساسي في هذه الصيغة من ناحية الشكل والمضمون حيث أصبح هذا المشروع يحتوي على 22 فصلا بعد أن كان يحتوي على 12 فصلا حيث تم تقسيم بعض الفصول إلى أكثر من فصلين كما تم تبويبه إلى 6 أبواب.
وفي المضمون تم إدخال تغيير على الفصل الأول من مشروع القانون في الصياغة، حيث أصبح ينص الفصل الأول على أن القانون يهدف إلى تهيئة مناخ ملائم يشجع على الاستثمار وينهض بالاقتصاد الوطني ويعزز الثقة بمؤسسات الدولة بعد أن كان في صيغته الأولى ينص على أن هذا القانون يندرج في إطار تدعيم منظومة العدالة الانتقالية.

التنصيص على المحاسبة والمساءلة

وأصبح الفصل الأول في صيغته المنقحة ينص على أن القانون يهدف إلى تهيئة مناخ ملائم للاستثمار وينهض بالاقتصاد الوطني ويعزز الثقة في مؤسسات الدولة.
كما يهدف إلى إقرار تدابير خاصة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام وتحفظ حقوق المجموعة الوطنية وتفضي إلى غلق الملفات بعد المساءلة والمحاسبة بعد أن كان ينص على غلق الملفات نهائيا دون أن يتم التنصيص على المساءلة والمحاسبة تحقيقا للمصالحة باعتبارها الغاية الأسمى للعدالة الانتقالية..
أما الفصل الثاني فقد جاء فيه ان الموظفين العموميين وأشباههم يتمتعون بالعفو على معنى الفصل 82 والفصل 96 من المجلة الجزائية وهم الذين تم تتبعهم من اجل أفعال متعلقة بالفساد الإداري والمالي ومتصلة بمخالفة التراتيب واستغلال النفوذ وسوء استخدام السلطة أو الوظيفة أو سوء التصرف في الأموال العمومية شريطة عدم تحقيق منافع مصرح بها لدى لجنة المصالحة المحدثة بمقتضى الفصل 4 من هذا القانون الأساسي..
هذا كما تسقط العقوبة بموجب العفو بالنسبة إلى من تمت مؤاخذته بحكم بات من اجل ارتكاب الأفعال المذكورة ويسلّم الوكلاء العامون لمحاكم الاستئناف أو وكلاء الجمهورية كل حسب اختصاصه بناء على سقوط العقوبة.
وفي الباب الثالث المتعلق بلجنة المصالحة أصبح مشروع القانون ينص على أن يترأس اللجنة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بعد أن كانت في الصيغة الأولى يترأسها ممثل عن الحكومة.

تركيبة جديدة صلب لجنة المصالحة

كما تم في الصيغة الجديدة لمشروع قانون المصالحة تغيير تركيبة لجنة المصالحة حيث تم حذف عضوين من هيئة الحقيقة والكرامة من تركيبة لجنة المصالحة مقابل التنصيص على أن تتركب اللجنة من قضاة إداريين وعدليين وماليين وخبير محاسب وممثل عن الجمعيات الناشطة في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد يتم اختياره من قبل رئيس مجلس نواب الشعب بعد استشارة رؤساء الكتل النيابية.
وكانت مهمة تسمية أعضاء لجنة المصالحة في الصيغة الأولى توكل لرئيس الحكومة وتتم بقرار منه وأصبحت في الصيغة المنقحة توكل إلى رئيس الجمهورية.
أمّا في الفصل 15 من الباب الرابع المتعلق باختصاص اللجنة وإجراءات الصلح فينص على أن يتم خلاص المبلغ المضمن بقرار الصلح لدى صندوق الودائع والأمانات ويودع بحساب خاص يتم فتحه به مقابل وصل يسلم للمعني بالأمر..
ويتم توظيف الأموال المودعة في مشاريع البنية التحتية أو في مناطق التشجيع على التنمية الجهوية وذلك في إطار تجسيم مبدأ التمييز الايجابي...

ملف من إعداد: منارة تليجاني